السبت، 22 سبتمبر 2012

" فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت " .. د/ مصطفى محمود .. من كتاب : " أناشيــــــد الإثم و البراءة "



لذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط

و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به ، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق

و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة

و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار

و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبداً لشهوته خادماً لأطماعه ذليلاً لنزواته

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب

فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر .. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور

إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب .. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق

و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب

و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات .. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل .. يتجرع منه كل واحد كأساً وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات

و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف .. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله .. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال .. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله

و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر .. حيث يكون الشقاء الحقيقي .. أو السعادة الحقيقية .. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم

أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل .. و الكل في تعب

إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف .. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها ، و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت

فذلك هو المسرح الظاهر الخادع ، و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم


أما وراء الكواليس
أما على مسرح القلوب

أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة .. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم .. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم .. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين .. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة .. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود .. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق .. يوم لا تنفع معذرة .. و لا تجدي تذكرة

و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلاً مطلقاً دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضاً ، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن .. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم

أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض ، ثم لا يجمعون شيئاً إلا مزيداً من الهموم و أحمالاً من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعاً لا يشبع


فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت .. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك

■ ■ ■

بقلم : د. مصطفــــى محمــــود
من كتاب  أناشيــــــد الإثم و البراءة

" مصر .. المشكلة و الحل " .. د/ مصطفى محمود .. من كتاب : " أيها السادة اخلعوا الأقنعة "



المقال الرابع و الأخير
 
مصر .. المشكلة و الحل

كنا جماعة نتحدث ، و تطرق بنا الحديث إلى كل شيء .. تحدثنا في الدين و في السياسة و في الفضاء و في الأرواح و في الجن و في السحر و في الطب و طوفنا بكل الألغاز و المعضلات ثم .. استقر بنا الترحال عند المعضلة الكبرى التي دوخت المصلحين و حيرت أهل الفتاوى .. مشكلة مصر و ما جرى عليها و ما جرى لها .

...
قالت أصوات رافضة : هل تعجبك هذه المعارك الكلامية و العمارات التي تقع و الزحام و الغلاء و فساد الذمم و فتور الهمم و التلوث و الضوضاء و انحدار الذوق و ضياع القيم و اللامبالاة و الكسل و الرشوة و التسيب .. هل هذه مصر التي عرفناها ؟

قلت : مصر ليست كلها سلبيات .. و ما زال في بلدنا خير و حب و أمل و أيد تعمل في إخلاص .. و في مصر مدن جديدة برمتها أنشئت و صحارى جرداء استصلحت و سدود أقيمت و مصانع بنيت ، و الأرقام تقول إن هناك أكثر من ألف مشروع جديد منها خمسمائة و خمسون مشروعاً بدأت نشاطها بالفعل و لكن الآثار الإيجابية لهذه الإنجازات تلتهمها ملايين الأفواه التي تأكل دون أن تعمل .. الإنفجار السكاني يهزم الخطة .

-
هل هو اعتراف بأن السلبيات تفوق الإيجابيات ؟
-
مصر خارجة من خمس حروب و مائة ألف شهيد .. و مائة ألف مليون جنيه خسائر و هي محل تآمر دول الشرق و الغرب و محل أطماع الأعداء و الأصدقاء يطعنها أبناؤها كما يطعن بعضهم بعضاً و كأنما الكل فقد وعيه ..
إن حرباً واحدة جعلت انجلترا و هي دولة كبرى تتراجع إلى مؤخرى الصف .. و نحن بلد صغير محدود الموارد .. نحن في حاجة إلى وقفة حب و تفهم يا إخوان و ليس إلى وقفة تمرد و سخط .

-
و نحن نسأل بكل الحب و التفهم ما الحل ؟

و اختلفنا و تشابكنا و ارتفعت أيد و جاء كل واحد برأي .. كان من الواضح أننا أمام مشكلة أصعب من الجن و الأرواح و الصعود إلى الفضاء ..

قال قائل : الحكم الإسلامي هو الحل .

و اعترض أحدهم قائلاً : لقد نادى بذلك جماعة التكفير و الهجرة و قتلوا الشيخ الذهبي و نادى بذلك جماعة الفنية العسكرية و اطلقوا الرصاص على الأبرياء .. و نادى بذلك المهدي و جماعته و طلعوا بالمدافع الرشاشة على الكعبة و قتلوا من قتلوا بلا ذنب و بلا جريرة .. و نادى بذلك الخوميني و قاد حكماً دموياً فاشياً في إيران .. فأي هذه الدعوات هي الحل لما نحن فيه ؟

إن أمريكا و روسيا أصبحتا تشجعان هذه التيارات المتطرفة و تحضان عليها لتلقيا بالمنطقة إلى حالة من الفوضى و الخراب و التناحر و إلى حالة من التبعية المستمرة و لتبيعا السلاح إلى جميع الأطراف .

قال آخر : ليس هذه النماذج هي الحكم الإسلامي الذي نريده .. إنما نريد الحكم الإسلامي الرشيد .

قال صاحبنا : كل واحد من هؤلاء الذين اعترضت عليهم يدعي أنه هو الرشيد و ما زال الخوميني يدعي أنه على الحق و أن كل من خالفوه على ضلال .

قال ثالث : بل نبدأ من البداية .. قيحقق كل منا الحكم الإسلامي في نفسه و في سلوكه و عمله و خلقه و بيته و أهله و أصدقائه و جيرانه .. فالثورة المطلوبة ليست هي الإنقلاب العسكري و لا هي الجماعة التي تطلع على الناس بالعنف .. و إنما الثورة المطلوبة هي ثورة كل منا على نفسه ليفتح صفحة جديدة يراقب فيها ضميره و يراعي ربه ، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التحول الاجتماعي مصداقاً لقول القرآن : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) .. فتغيير الأنفس يأتي أولاً .

قلت : هذا و الله كلام حسن .. و لكن ما لبث أن قاطعنا صوت حاد يهتف : لا فائدة من إصلاح النفس ما دام الشارع كافراً و المجتمع ضالاً .

قلت مستنكراً : كيف يقال هذا الكلام عن قاهرة الأزهر .. ليس الشارع بكافر ، و إنما هي انحرافات على الأكثر .. و حتى على فرض صدق كلامك .. فإن المسلم يستطيع أن يعبد الله و يفعل الخير و يلازم الجادة حتى بين كثرة كافرة .. و هل كان محمد عليه الصلاة و السلام و صحبه إلا قلة من عشرات في بحر طام من الكفر في قريش و هل زادتهم هذه الكثرة إلا تثبيتاً .. فما بالك و نحن في قاهرة الألف مسجد و في مناخ يشجع على الدين و تتجاوب فيه أصداء لا إله إلا الله محمد رسول الله من ألف مئذنة .

قال : و الطبل و الزمر و الرقص في التليفزيون .
قلت : تستطيع أن تغلقه و تفتح قناة أخرى فيها الشعرواي .. و تستمع إلى إذاعة القرآن الكريم أو تذهب إلى المسجد و تحضر درساً دينياً أو تشارك في ندوة علمية أو تغلق عليك بابك و تصلي .. عندك عشرات الإختيارات و ستجد في كل منها ما يشجع نواياك الخيرة .. هذا إذا كانت عندك هذه النوايا .

و البدء بالنفس هو الطريق .. لن تستطيع أن تحكم غيرك إلا إذا حكمت نفسك أولاً .. و لن تقوى على تغيير أمة و أنت عاجز عن تغيير نفسك .. قد يطول المشوار و لكنه السبيل الوحيد .. و هو الكفيل بتربية الجيل المسلم الذي سوف يخرج منه الطلائع التي سوف تقود حينما يجيء الوقت .

قالت امرأة : و لماذا الإصرار على الحكم الإسلامي كحل .. إن اليابان خرجت من الخراب و الدمار الكامل و الهزيمة و بلغت الصدارة في بضع سنوات ، و وصلت إلى أعلى معدلات الرخاء و الإنتاج بدون حكم إسلامي .. و كذلك ألمانيا ..

قلت لها : تجربة اليابان كشفت عن حقيقة مؤكدة .. إن العمل عند هؤلاء الناس دين .. العمل و النظام و طاعة الصغير للكبير و حب الأرض و الولاء للوطن .. كل هذه شعائر دينية عند الياباني يمارسها بإخلاص و تفان .. و في ألمانيا حب العلم و حب الإختراع خلق ، و الطاعة و النظام طباع مثل طباع مجتمعات النمل ..

أما نحن فنفتقر إلى هذه الصفات و نحاول أن نغرسها في الشباب عن طريق الإسلام لأن الإسلام يأمر بالنظام و يأمر بالنظافة و يأمر بطاعة الصغير للكبير فهو سيوفر علينا غرس هذه الطباع ..

ثم إن الإسلام بإمكانه أن يستوعب النموذج الياباني و النموذج الألماني ثم يتخطى الإثنين و يتجاوزهما إلى عطاء أعظم و أرحب ، فالتجربة اليابانية بكل نجاحها لا تمثل إلا الجانب المادي و العطاء المادي و الحضارة المادية و هذه الحضارة تقف عند مجرد إشباع حاجات الإنسان و لكنها لا تستطيع أن تتجاوزه فلا شيء عندها وراء الإنسان و لا شيء وراء العالم .. إنما هي حياة تنتهي بموت صاحبها ، و لا حكمة من أي شيء ..

و التقدم مجرد تقدم كمي .. و المستقبل مجرد امتداد كمي للماضي .. و الحياة اكتفائية تسجن الإنسان في أنانيته و مصالحه و رغباته و الإنسان فيها حيوان برغم أن له مخالب ذرية و عيوناً إليكترونية إلا أنه مازال حيواناً واقفاً عند نفسه ..

أما الإسلام فحضارة تصعد بالإنسان و تتخطى به عتبة نفسه لتخرج به إلى المطلق .. إلى كمالات الله اللانهائية .. فالنفس في الإسلام خالدة و هي في كدح مستمر إلى الله .. و هي في تكامل مستمر مرحلة بعد مرحلة .. و الفرق كبير و هائل بين ما تعد به التجربة اليابانية و ما تعد به العقيدة الإسلامية ..

فتلك حضارة مادية مغلقة على نفسها و هذه حضارة مفتوحة على اللانهائية .

قال واحد : و لكن المؤسف أننا لا نحن وصلنا إلى عظمة اليابان و لا نحن بلغنا عظمة الإسلام .

قلت : الذنب ليس ذنب الإسلام و لكن الذنب فيما نضيع من وقت في الكلام و الخلافات لقد جعلنا كل شيء محل خلاف حتى الإسلام اختلفنا فيه و عليه ..

فحرم البعض الموسيقى و الرسم و قالوا إن الصورة التي تعلق على الحائط كفر ، و الجندي الذي يقبل راية وطنه وثني ، و المسلم الذي يصلي الفروض الخمسة في بيته و لا يصليها في المسجد لا إسلام له ، و الحجاب لا يكفي و لابد من النقاب ، و تعاركنا على القشور و تركنا اللباب ، و غالى البعض حتى حرم الخل و حرم زهور الزينة لأنها تقليد لصنعة الله ، و حرم أكل دجاج الجمعية لأنه مذبوح في بلاد الكفر ..

و خرج من ســمــــاحة الإسلام إلى أنواع من التزمت و التنطع السخيف .

و مطلوب بالدرجة الأولى وعي إسلامي مستنير يجمع الناس حول لب العقيدة و رؤية إسلامية رحبة تستوعب إيجابيات العصر .. و أدب في الحوار يكسب الخصم قبل الصديق .. و حرب على الفرق الضالة التي تزيف الدين و تحرم كل شيء باسمه .

إن هذه التيارات التي تظهر هنا و هناك لتبث الفرقة و تثير الجدل هي جزء من المؤامرة التي تحاول أن تمزق الراية الوحيدة الباقية التي يمكن أن تجمعنا .. و هي تيارات عميلة تعمل لحساب الخصوم و إن تكلمت باسمنا .. و محاربتها واجب كل مفكر و كل حامل قلم .

لقد تكاثرت المشاكل و تفاقمت و لم يعد في قدرة الواحد أن يحلها منفرداً .. و لم يبقى إلا أن يتعاون الكل .. و لم تبق إلا بداية واحدة مأمونه هي صحوة كل مواطن و ثورته على نفسه و مبادرته الذاتية المخلصة لإصلاح شيء ، أي شيء .. في عمله و بيته و شارعه .. أي شيء و لو مجرد إماطة الأذى عن الطريق .

المهندس في موقعه و الطبيب في عيادته و المدرس بين تلاميذه و الأم بين أولادها و العامل في مصنعه .. لو حاسب كل منهم نفسه و استنهض همته و رعى ذمته و راقب ربه لاختلفت الصورة و لتغير وجه مصر .

إن الثورة على النفس مفتاح وحيد و لا مفتاح سواه .. و لن يغيرنا الله إلى أي حال إلا إذا غيرنا أنفسنا أولاً ..

و الخوف من العقاب عامل إضافي هام و الطمع في الثواب عامل آخر له وزنه و الحزم ضابط للصف و كلها موجبات المرحلة الحالية .. شريطة ألا تتجاوز الخيط الرفيع و تسلمنا إلى ديكتاتورية هوجاء و مراكز قوى عمياء تحكم بالمزاج و تفتي بالهوى و تعود بنا إلى مرحلة الستينيات التي كانت سبب البلاء كله .


و أي كلام غير ذلك هو عودة إلى مسلسلة التباكي و الوقوف على الأطلال ..


■ ■ ■

د. مصطفـى محمـــود
من كتاب : أيها السادة اخلعوا الأقنعة

السبت، 15 سبتمبر 2012

مقتطفات من كتب مصطفى محمود



الدين علم و عمل و مكارم أخلاق و قيم ، و هو بهذا المعنى يساهم في إنقاذ السفينة و يجمع همة أصحابها و لا يفرقهم .. و هذه هي روح الدين و رسالته و جوهره .. و الأديان بهذا المعنى كلها واحد .. كلها محبة و رحمة و أخوة و مودة و عمل صالح ..

الإسلام يقول .. ادفع بالتي هي أحسن .. و المسيحية تقول .. أحبوا أعدائكم .. فلا يمكن أن يؤدي هذا الفهم إلى ما يجري في الساحة !

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / قراءة للمستقبل


النفس المؤمنة هى قارب نجاة و هى فى حفظ من أى مرض نفسى و لا حاجة لها إلى طب و لا طبيب نفسى فى يوم من الأيام ، لأن حياتها فى ذاتها روشتة سعادة

Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: عالم الاسرار

الويل لنا من أنفسنا الأنانية حينما تطلب كل شيء و لا يرضيها أي شيء و لا يشبعها أي شي .. حينما تصبح نفس كل منا جحيمه الأبدي الذي لا خلاص منه و لو بالموت

Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: أناشيد الأثم و البراءة

إن الإيمان موروث فطري بسيط ، و الكفر يحتاج إلى افتعال و عناد بحجم الجبال و تعامٍ عن حقاق كالنور وضوحاً ..

..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / سواح في دنيا الله

و لا نملك أكثر من أن نهوّن على بعضنا الطريق .. ببذل الحكمة والخبرة و القول السديد

د. مصطفى محمود


إذا رأيت البلاء يطهّرك فهو نعمة .. وإذا رأيت النعمة تُطغيك فهى غضب

Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: القرآن: محاولة لفهم عصري

و فى مُراد الله أن تتمايز المراتب ، و تتفاضل الدرجات .

و فى سُنَّة الله أن يُميِّز الخبيث من الطيب .

و لأن الله لا يريد أن يأتى هذا الأمر تَعَسُفاً منه ، و لا يريد أن يفضح أحداً من عباده بلا بينة .. فإنه خَلق الدنيا ليفضح كل واحد نفسه بنفسه و بعمله .

د. مصطفى محمود
.. من كتــاب / عصــر القــرود

فلا بديل عن الكفاح ، فذلك قدر الإنسان .. و ذلك أيضاً شرفه و امتيازه على الملائكة .

و لم يُخلَق الإنسان ليَرِث الجنة بلا مجهود ، و إنما خُلِقَ ليأخذ الجنة غِلابا ، و بعد إثبات الإستحقاق .

فلابد من المكابدة و المعاناة .
" لقد خلقنا الإنسان فى كبد " ( البلد : 4 )

Dr. Mostafa Mahmoud
.. من كتــاب / عصــر القــرود

إذا فكرت فى المتاعب ، أسرعت إليك المتاعب .. و إذا فكرت فى اللذات ، أسرعت إليك اللذات .. كالتنويم المغناطيسى .. تقول .. أنا نمت ، أنا نمت .. فتنام .. أنا مرضت ، فتمرض .. أنا شفيت ، فتشفى .. أنا انتهيت ، فتنتهى .. سحر الإرادة الملتهبة يصنع كل شئ ..

Dr. Mostafa Mahmoud
كتــاب: اللّــه و الإنســان

إنه المزاج نقطة ضعفنا جميعاً .. لأنه الثغرة التى يدخل منها الإغراء و لا يحرسها العقل .. و لا يُجدى فيها العقل ..
و لهذا نهانا القرآن عن الهوى و المزاج .

Dr. Mostafa Mahmoud

.. من كتــاب / فـى الحــب و الحيــاة


من هى المرأة الفاضلة ..


يقول سليمان فى التوراة :

امرأة فاضلة من يدلنى عليها .. إنها أثمن من كل ما فى الأرض من ماس و لآلئ .. فتشت فى الألف امرأة فلم أجدها .

فمن هى تلك المرأة الفاضلة التى فتش عنها سليمان الحكيم فى نسائه الألف فلم يجدها .. ؟!

سمعنا عن نساء فاضلات حكى عنهن التاريخ و جرت حياتهن مجرى السِيَر .

مريم العذراء .
و خديجة زوج الرسول .
و آسيا امرأة فرعون .

تلك كانت أسماء و سير و حكايات غَبَرَتْ و مضت .
فماذا يتصور الذهن اليوم حينما يحاول توصيف المرأة الفاضلة فى زماننا ؟

فى القاموس الدارج أنها امرأة تحب حتى الموت .. هكذا تقول الأغانى .. و هكذا تقول أجهزة الإعلام .
و أنا أسأل .. موت من .. ؟!
المُشَاهَد أن كل النساء يحببن حتى الموت .. حتى موتنا نحن .

و عطاء الحب من المرأة طبيعة و فطرة و ليس فضيلة .
و هو أيضا ليس فضيلة ، لأنه عطاء يتلقى مقابلا من النشوة ، و اللذة الفورية فهو عطاء مَجز و تكاليفه ممتعة .

و مريم العذراء سيدة نساء العالمين لم تُعطِ من هذا النوع من الحب .. و هى لم تحب رجلاً .

و خديجة كان عطاؤها الذى ميزها هو عطاء من نوع آخر .. فقد أعطت النبى الأمن و الأمان ، و كانت له أُمّاً و زوجة و ملجأً ، و مأوى من عداوة الكفار ، و مكرهم ، و تآمرهم ..
ثم أعطت نفسها و حياتها و مالها لرسالته و أهدافه ، و اتخَذَت مَحبوبِهِ عينَ محبوبها ، و طريقِهِ عين طريقها ، فأحبته لله و أحبت الله فيه ، و اتخذت دستوره حياة ، و اختارت هجرته إلى الله هجرة محببه لها ، و كانت حياة الإثنين معاً أُنساً كاملاً و ائتناساً و ملاء كاملاً لا خواء فيه و لا ملال .. و لهذا لم يفكر الرسول أن يتزوج عليها أو يجمع عليها بأخرى .. بالغة ما بلغت من الجمال .. و هى التى كانت تكبره بعشرين عاماً .
و لم يُعَدِد بين زوجاته إلا بعد وفاتها .

إن القضية إذن ليست قضية حب .
فهناك من تحب فلا ترحم .. و هذا حال الكثرة .
و هناك من ترحم و لا تحب .. و تلك عطاؤها شفقة و صدقة ، و ذلك عطاء لا حب فيه .

و ندر بين النساء من جمعت فى قلبها جمعية " الحب و الرحمة " .. تلك التى عواطفها سكن ، و حنانها قيم ، و حبها ظليل ، و ليس ناراً محرقه .

و لعل هذه المرأة هى التى أرادها سليمان فى التوراة .



Dr. Mostafa Mahmoud

.. من كتــاب / عصــر القــرود


و المرأة فى البيت ليست شيئاً هيناً ، فهى تستطيع أن تفعل أشياء أقيم بكثير من الخطب و البيانات و التصريحات الكاذبة التى تخرج من رئاسة الوزراء .

و هى تستطيع بمجهود قليل أن تنجب رئيس جمهورية .
انها شئ خطير حتى لو لازمت غرفة النوم لا تبرحها .
و مستقبلنا معها مهدد تماما .
و أنا أخشى على نفسى بعد هذا المقال .

د. مصطفى محمود
.. من كتــاب / قـراءة للمستقبــل

إن غض البصر.. وخفض الطرف.. وطلب العلم من الله فى انكسار..
والحياء من غناك إذا كنت غنيا ومن علمك إذا كنت عالما ومن جاهك إذا كنت وجيها ومن سلطانك إذا كنت صاحب سلطان، صفات ذكرها القرآن بكل وضوح ...

ماذا بعد الجهل بنفسك من جهل أيها الإنسان ..

و عسى أن يقربك شعورك بعجزك من الرفق بكل عاجز ...
فاعرف نفسك لأن هذه هى أصعب المعارف، وإنها هى المعرفة الكبرى التى إذا بدأت لا تنتهى هذه هى بداية العلم الحقيقى الذى يورث الأدب مع الله ....

ـــ مصطفى محمود ،، على خط النار.




و الانفراد المطلق فى الرأى عصبية و غل و نارية إبليسية .. و النفس المتكبرة الأمارة بالسوء هى نار محضة و ظلمة ..
و كل منا فى داخله عدة احتمالات لنفوس متعددة .. فى داخل كل منا نفس أمارة ظلمانية توسوس له بالشر و الشهوات .. و نفس لوامة نورانية تحضه على الخير ثم كل المراتب النفسية علوا و سفلا فوق و تحت هاتين المنزلتين ..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / أناشيد الاثم و البراءة
               
                    * * *
غاية ما يطمح إليه الحبيب أن يصل إلى المكاشفة التامة مع حبيبه ,
وأن تزول بينهما المسافة,
وأن يصبح هو هى و هى هو , وأن ينتهى السر , ويهتك الحجاب ..

و هو وهم شائع ..
وخطأ بات من كثرة التداول حقيقة مسلماً بها ..
فلو انتهك الحجاب بين اثنين لانتهى الحب بينهما فوراً , فالحب قرب وليس فناء ..
وهو تلامس أسرار وليس تعرية وانكشافاً ..

هل تحب ان يدخل عليك أحد ((التواليت )) ؟!
وماذا يكون شعورك وأنت ترى أحداً يطلع عليك وأنت تباشر هذه الضرورة ؟؟

ومع ذلك .. فهى حقيقة .. نحن نأكل ..ونحن نتبول ..ونحن نخرج فضلات .
ولنا لحظة شهوة نكون فيها أكثر عبودية ؛وبالتالى اكثر خجلاً من أنفسنا .
ومن هنا جاءت كلمة العورة .. وكلمة الستر ..
فذلك ضعف لا نحب أن نطلع أحداً عليه ..
برغم أنه أمر معروف ومشترك فينا جميعاً ..”

― مصطفى محمود, عصر القرود

                       * * *

المخاطرة التي تشوقني و تخبل عقلي.. هي قصة الحياة بعد نشأتها .. خط سيرها.. وتطورها .
و انتقالها من نوع إلى نوع و تسلقها البر و البحر و الهواء .. و اندلاعها مثل شعلة نار أمسكت بمخزن من البارود .. فانفجرت في كل اتجاه ..

د. مصطفى محمود
من كتاب / يوميات نص الليل ..

              * * *
بل هي لحظه اخرى ذات مساء من عشرين عاما اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجه بالحبور حينما سجدت لله فشعرت أن كل شي في بدني يسجد .. قلبي يسجد .. عظامي تسجد ..أحشائي تسجد .. عقلي يسجد ..ضميري يسجدد .. روحي تسجد ..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / السؤال الحائر ..
                  * *  *

و مهنه السرقه مهنه شائعه اكثر مما يتصور الناس .. فالطبيب الذي يتقاضي اجرا علي مرض لم يشخصه ..و المحامي الذي يدافع عن قضيه خاسره ..و التاجر الذي يبيع بضاعه مغشوشه و الكاتب الذي يبيع اكاذيب و السمسار الذي ينهب نصف ثمن البضاعه عموله ..كل هؤلاء لصوص يسرقون في ظل القانون .

Dr. Mostafa Mahmoud
.. من كتــاب / اللّــه والإنســان

             * * *

إن معظم التعصب بين الأديان وبين الفلسفات يعود في النهاية إلى خلافات اسمية ... إن الوجود الذي نعيش فيه ليس وجودا مفككا ولكنه وجود منسق منظم تربطه القوانين .. والاختلافات الظاهرية في الأشياء خلفها وحدة حقيقية ..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / الله و الانسان ..

            * * *
في أجل قصير من 63 عاماً قاد هذا الرسول أمه الإسلام لتهزم الروم و الفرس و لترفع لواء حضارة هيمنت على الشرق و الغرب و جمعت شمل ألف مليون مسلم على كلمة التوحيد و على كتاب واحد هو القرآن و دستور واحد هو الخُلق الكريم و شريعة واحدة هي شريعه الله .

و لا يقدر على هذا القدر من الإنجاز إلا إنسان كامل موفَّق و مؤيَد من ربه ، إنه هو الإنسان الكامل بلا جدال و هكذا تقول أعماله .

و الله يحتج به علي الكفار في القرآن قائلاً :
( و الذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم و عليهم غضب ولهم عذاب شديد ) .

و الاستجابه هنا هي استجابه لله و لرسوله بدخول الملايين في الإسلام و هزيمة دولة الفرس و الروم وتحول العالم شرقاً و غرباً إلى التوحيد

..

Dr. Mostafa Mahmoud
من مقال / الإنسان الكامل
          
               * * *

وحسب المؤمن الذي يُريد أن يقف عند بر الأمان، ولا يُلقي بنفسه في وادي العماء .. أن يقول :
آمنت بكلمات الله على مُراد الله .
وما خفى عني فالله به أعلم ..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / القرآن كائن حي ..
 
            * * *
و صدق أجدادنا الذين قالوا .. أنك يمكن أن تكذب على بعض الناس بعض الوقت ، و لكن لن تستطيع أن تكذب على كل الناس كل الوقت .. حتى لو أقمت على حِراسة هذا الكذب .. الدبابات و المدافع و المتاريس .

Dr. Mostafa Mahmoud
.. من كتــاب / قــراءة للمستقبــل

                   * * *
إذا لم تكن النفوس خيرة فإنها لا تستطيع أن تعطي فهي أصلاً فقيرة ليس عندها ما تعطيه ، و لا يجتمع الحب و الجريمة أبداً إلا في الأفلام العربية السخيفة المفتعلة ، و ما يسمونه الحب في تلك الأفلام هو في حقيقته شهوات و رغبات حيوانية و نفوس مجرمة تتستر بالحب لتصل إلى أغراضها ، أما الحب فهو قرين السلام و الأمان و السكينة و هو ريح من الجنة ، أما الذي نراه في الأفلام فهو نفث الجحيم .

و إذا لم يكن هذا الحب قد صادفكم و إذا لم يصادفكم منه شيء في حياتكم فالسبب أنكم لستم خيرين أصلاً فالطيور على أشكالها تقع و المجرم يتداعى حوله المجرمون و الخير الفاضل يقع على شاكلته ، و عدل الله لا يتخلف فلا تلوموا النصيب و القدر و الحظ و إنما لوموا أنفسكم .

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / أناشيد الإثم و البراءة

                        * * *

إن الكلام يتدفق بسرعة عندما يحس القلب بالأذى .. و هو أسرع من الشلال عند مخارج المياه .. فاحذر من الاندفاع ساعة الغضب

د. مصطفى محمود
كتاب: الخروج من التابوت
                    
                     * * *
إن كل شخصية لها منطق يحكمها .. والشخصية تغير سلوكها ولكنها لا تملك أن تغير منطقها .. لأن منطقها هو جوهرها وروحها ..

د. مصطفى محمود
من كتاب / 55 مشكلة حب ..

                     * * *
و بدون الحب فى قلبك لا يعود لوجودك معنى .. و لا لفضائلك معنى .. و لا لدينك معنى أى معنى مهما أطلت اللحى و بسملت و حوقلت و صمت و حججت و اعتمرت .

د. مصطفى محمود
.. من كتــاب / سواح فى دنيــا اللــّـــه

                   * * *
إنما تستمد جميع المصابيح نورها من نورَك .
كل مصباح يأخذ منك على حسب استعداده و يعطى من نورك على حسب شفافيته .
و لكن العطاء فى الأصل منك و الجمال منك و النور منك .
سبحــانك لا شريـك لك .
سبحــانك و الحمـد لك .
سبحــانك و الحــب لك .
سبحانك ما لثمت إلا أياديك و ما قبلت إلا وجهك .. و ما سبحت إلا لنور عينيك و إن نطقت فى كل مرة اسماً غير اسمك فإنما هو ضلال اللسان فى القراءة و ضلال العين فى الرموز و قراءة الشيطان للشفرة الخطأ .. و إنما هو التَخبُط فى الحُجُب و لثم الأضرحة و تقبيل النحاس .. و غفلة الطبع عن الحقيقة .

يا رب .. سألتك باسمك الرحمن الرحيم أن تنقذنى من يدى فلا تأخذنى بيدى بل بيدك أنت تجمعنى بها على من أحب عند موقع رضاك .. فهناك الحب الحق .. و هناك أستطيع أن أقول .. لقد اخترت .. لأنك أنت الذى اخترت .. و أنت الوحيد الذى تُوَثِّق جميع الإختيارات و تبارك كل الحريات .. أنت الحرية و منك الحرية و بك الحرية ، و أنت الحب و منك الحب و بك الحب .
أنت الحق و الحقيقة .
و ما عدا ذلك أضرحة و نحاس و خشب و صلصال و حجارة و أهداب و عيون و محاجر و أوثان تسجد لأوثان .
لا تدعنى يا إلهى فى الظُلمة ألثم الحجارة و أعانق الصلصال و أعبد الوثن .

بشِفَّة الشيطان لثمت هذه الأشياء و ظننت أنها شفتى و بذراعَىّ الشيطان عانقت و ظننت أنهما ذراعاى .

استحلفتك بضعفى و قوتك
و أقسمت عليك بعجزى و اقتدارك
إلا جعلت لى مخرجاً من ظلمتى إلى نورى و من نورى إلى نورك سبحــانك ..
لا إله إلا أنت
لا إله إلا الله .

Dr. Mostafa Mahmoud
.. من كتــاب / أنـاشيــد الإثــم و البــراءة
من صـــ 15 ــــ : صـــ 16 ـــ

              * *  *

و تبقى فى الذهن صورة عجيبة لهذا الزمن العجيب الذى جمع بين أقصى الشر و بين أقصى الخير .. و بين أقصى العلم و بين أقصى الجهل .. و بين أقصى الوفرة و بين أقصى المجاعة .. و بين غاية الحقد و الرفض و بين تعدد وسائل الاستمتاع و يُسْر العيش و سهولة الإشباع و بين قمة المرح و بين حضيض الإكتئاب .
ذلك الزمان الذى تجد فيه النفس فرصها اللانهائية لتنفع و تضر و تلك فى نظرى أكبر ميزاته .. إنه زمان الفرص .

و السعيد من حاول أن يغتنم لنفسه فرصة خير و مناسبة نفع ، و أن يجد لنفسه موطئ قدم بين الأقليات الذين ذكرناهم .. الأقليات العاملة فى صمت .
و لينسى مؤقتا ماذا يكسب و ماذا يخسر .. فإن الأغلبية إلى خسارة .. و أكثرهم خسارة هم الذين يبدون اليوم أكثر وجاهة و أكثر مكسباً .
و سوف يسحب التاريخ بساطه فيمحو آثارهم جميعاً و لن يبقى فى قائمة الذكر الحسن إلا أنفع الناس .

Dr. Mostafa Mahmoud
.. من كتــاب / الســؤال الحـائــر

                      * * *

إذا لم تكن النفوس خيرة فإنها لا تستطيع أن تعطي فهي أصلاً فقيرة ليس عندها ما تعطيه ، و لا يجتمع الحب و الجريمة أبداً إلا في الأفلام العربية السخيفة المفتعلة ، و ما يسمونه الحب في تلك الأفلام هو في حقيقته شهوات و رغبات حيوانية و نفوس مجرمة تتستر بالحب لتصل إلى أغراضها ، أما الحب فهو قرين السلام و الأمان و السكينة و هو ريح من الجنة ، أما الذي نراه في الأفلام فهو نفث الجحيم .

و إذا لم يكن هذا الحب قد صادفكم و إذا لم يصادفكم منه شيء في حياتكم فالسبب أنكم لستم خيرين أصلاً فالطيور على أشكالها تقع و المجرم يتداعى حوله المجرمون و الخير الفاضل يقع على شاكلته ، و عدل الله لا يتخلف فلا تلوموا النصيب و القدر و الحظ و إنما لوموا أنفسكم .

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / أناشيد الإثم و البراءة

                  * * *

يقول الفيلسوف الحكيم أبو حامد الغزالي : كلما ازداد القوس اعوجاجاً أعطى السهم توتراً واندفاعاً أكثر ليصيب هدفه وذلك هو الكمال الذي يخفى في باطن النقص ..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / نقطة الغليان ..
            
                       * * *

و معنى " لا إله إلا الله " أنه لا حسيب و لا رقيب إلا الله ..
هو وحده الجدير بالخشية و الخوف و المراقبة .. فمن كان يخاف المرض و من كان يخاف الميكروب و من كان يخاف عصا الشرطى و جند الحاكم فإنه لم يقل " لا " .. لكل تلك الآلهة المزيفة .. فهو كاذب فى كلمة " لا إله إلا الله " .

و معنى ذلك أن " لا إله إلا الله " عهد و دستور و منهج حيـــاة .
و المقصود بها .. العمـل بهــا .

Dr. Mostafa Mahmoud
..
من كتــاب / حوار مع صديقــى الملحــد

                   * * *

إن أرقى وظائف العقل هى محاولته الدائبة لربط الظواهر حوله فى علاقات مُنسَقة لاستنباط القوانين الخافية وراءها و لمعرفة النظام الكامن فى الأشياء و اكتشاف السبب و العلة و المعنى .. و فى كلمة واحدة ، الفهــم .
أن يفهم معنى كل هذا .

د. مصطفى محمود
.. من كتــاب / لغــز الحيــاة

             * * *
و إنما تولد الكراهية للآخرين حينما تولد الكراهية للنفس .
خصومتنا لأنفسنا هى القنبلة التى تنفجر حولنا فى كل مكان .
منذ اللحظة التى نختصم فيها مع نفوسنا لا نعود نرى حولنا إلا القبح و الدمامة و مبررات القتل و الثأر ، و نحن فى الحقيقة نحاول أن نثأر لأنفسنا من أنفسنا .

و إنما تبدأ الهُدنة بين كل منا و الحياة حينما يرتضى نفسه و يقبلها ، و يقبل قدره و مصيره ، و يبنى ذلك الجسور السليمة التى يعبر عليها إلى جمال الحياة حوله و يراهُ ( الجمال ) ، و إلى طيبة الناس حوله و يحس بها .

Dr. Mostafa Mahmoud
.. من كتــاب / الشيطــان يحكــم

                   * * *
أما الإنسان الحقود فهو إنسان مُعتَقَل من الداخل ، سجين قفصه الصدرى ، لا يستطيع أن يمد يديه إلى أحد ، لأن يديه مغلولتان و شرايينه مسدودة و قلبه يطفح بالغل .

كيف يمارس الحب بحرية و احتيار . و هو ذاته مُعتَقَل ؟ !
كيف يدرك جمال الكون و انسجامه . و هو ذاته منقسم يفتقر إلى الوحدة الداخلية و الإنسجام ؟

و إنما تبدأ المحبة بتلك الحالة من السكينة الداخلية التى يبلغها الإنسان و كأنه فتح عينيه على ثراء داخلى لا حد له . تلك الحالة التى يتلقى فيها ذلك الضمان الغامض . ذلك الصك بأنه مؤَمَّن عليه ضد المرض ، و الشيخوخة ، و الإفلاس ، و الحرائق ، و الفقر ، و الحوادث ، تلك الحالة التى يزول فيها الخوف تماماً ، و كأنما بَرِقَت البروق لحظة فإذا به يرى سفينته التى تتقاذفها البحار الهوج ، موثوقة إلى الأعماق برباط خفى لا انفصام له ، و كأنما كانت طول الوقت تلقى بمراسيها فى بر الأمان . و إن دَلَّ ظاهرها المرتجف المتقلب على غير ذلك ..

د. مصطفى محمود
من كتاب / الشيطان يحكم ..

                            * * *

الحـــب مـا هــو ؟

لو سألني أحدكم .. ما هي علامات الحب ؟؟ و ما شواهده ؟؟
لقلت بلا تردد أن يكون القرب من المحبوبة أشبه بالجلوس في التكييف
في يوم شديد الحرارة

و أشبه باستشعار الدفء في يوم بارد ..لقلت هي الألفة و رفع الكلفة
و أن تجد نفسك في غير حاجة إلى الكذب .. و أن يُرفع الحرج بينكما ، فترى نفسك تتصرف على طبيعتك دون أن تحاول أن تكون شيئاً آخر لتعجبها .. و أن تصمتا أنتما الإثنان فيحلو الصمت ، و أن

يتكلم أحدكما .. فيحلو الإصغاء .. و أن تكون الحياة معا هى مطلب كل منكما قبل النوم معاً .. و ألا يطفئ الفراش هذه الأشواق و لا يورث الملل و لا الضجر و إنما يورث الراحة و المودة و الصداقة .. و أن تخلو العلاقة من التشنج و العصبية و العناد و الكبرياء الفارغ و الغيرة السخيفة و الشك الأحمق و الرغبة فى التسلط ، فكل هذه الأشياء من علامات الأنانية و حب النفس و ليست من علامات حب الآخر .. و أن تكون السكينة و الأمان و الطمأنينة هى الحالة النفسية كلما التقيتما . .يس ثمر

و ألا يطول بينكما العتاب و لا يجد أحدكما حاجة إلى اعتذار الآخر عند الخطأ ، و إنما تكون السماحة و العفو و حُسن الفهم هى القاعدة .. و ألا تُشبِع أيكما قبلة أو عناق أو أى مزاولة جنسية و لا تعود لكما راحة إلا فى الحياة معاً و المسيرة معاً و كفاح العمر معاً .

ذلــك هو الحــب حقـاً .

و لو سألتم .. أهو موجود ذلك الحب .. و كيف نعثر عليه ؟ لقلت نعم موجود و لكن نادر .. و هو ثمرة توفيق إلهى و لة اجتهاد شخصى .
و هو نتيجة انسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر و نفوس متآلفة متراحمة بالفطرة .
و شرط حدوثه أن تكون النفوس خيِّرة أصلا جميلة أصلا .
و الجمال النفسى و الخير هو المشكاة التى يخرج منها هذا الحب .
و إذا لم تكن النفوس خيرة فإنها لا تستطيع أن تعطى فهى أصلا فقيرة مظلمة ليس عندها ما تعطيه .
و لا يجتمع الحب و الجريمة أبداً إلا فى الأفلام العربية السخيفة المفتعلة .. و ما يسمونه الحب فى تلك الأفلام هو غى حقيقته شهوات و رغبات حيوانية و نفوس مجرمة تتستر بالحب لتصل إلى أغراضها .

أما الحب فهو قرين السلام و الأمان و السكينة و هو ريح من الجنة ، أما الذى نراه فى الأفلام فهو نفث الجحيم .
و إذا لم يكن هذا الحب قد صادفكم و إذا لم يصادفكم منه شئ فى حياتكم فالسبب أنكم لستم خيرين أصلاً فالطيور على أشكالها تقع ، و المجرم يتداعى حوله المجرمون و الخير الفاضل يقع على شاكلته ..
و عدل الله لا يتخلَّف فلا تلوموا النصيب و القدر و الحظ و إنما لوكوا أنفسكم .
و قد يمتحن الله الرجال الأبرار بالنساء الشريرات أو العكس و ذلك باب آخر له حكمته و أسراره .
و قد سلّط الله الجرمين و القتلة على أنبيائه و امتحن بالمرض أيوب و بالفتنة يوسف و بالفراعين الغلاظ موسى و بالزوجات الخائنات نوحاً و لوطاً .
و أسرار الفشل و التوفيق عند الله .. و ليس كل فشل نقمة من الله .
و قد قطع الملك هيرودوس رأس النبى يوحنا المعمدان و قدمها مهراً لِبَغىّ عاهرة .
و لم يكن هذا انتقاصاً من قدر يوحنا عند الله .. و إنما هو البلاء .
فنرجو أن يكون فشلنا و فشلكم هو فشل كريم من هذا النوع من البلاء الذى يمتحن النفوس و يفجر فيها الخير و الحكمة و النور و ليس فشل النفوس المظلمة التى لا حظ لها و لا قدرة على حب أو عطاء .
و نفوسنا قد تخفى أشياء تغيب عنّا نحن أصحابها . و قد لا تنسجم امرأة و رجل لأن نفسيهما مثل الماء و الزيت متنافرتان بالطبيعة ، و لو كانا مثل الماء و السكر لذابا و امتزجا و لو كانا مثل العطر و الزيت لذابا و امتزجا .. و المشكلة أن يصادف الرجل المناسب المرأة المناسبة .

و ذلك هو الحب فى كلمة واحدة : التناســـب .
تناسب النفوس و الطبائع قبل تناسب الأجسام و الأعمار و الثقافات .

و قد يطغى عامل الخير حتى على عامل التناسب فنرى الرسول محمداً عليه الصلاة و السلام يتزوج بمن تكبره بخمسة و عشرين عاماً و يتزوج بمن تصغره بأربعين عاماً فتحبه الاثنتان خديجة و عائشة كل الحب و لا تناسب فى العمر و لا فى الثقافة بينهما ، فهو النبى الذى يوحى إليه و هما من عامة الناس .
و نراه يتزوج باليهودية صفية صبيحة اليوم الذى قتل فيه جيشه زوجها و أباها و أخاها و شباب قومها و زهرة رجالهم واحداً واحداً على النطع فى خيبر .. و يتزوجها بعد هذه المذبحة فنراها تأوى إلى بيته و تسلم له قلبها مشغوفةً مؤمنةً و لم تكد دماء قومها تجف .. فكيف حدث هذا و لا تناسب و إنما أحقاد و أضغان و ثارات ..
إنه الخير و الخلق الأسمى فى نفس الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ، هو الذى قهر الظلمة و هو الذى حقق المعجزة دون شروط ..
إنه النور الذى خرج من مشكاة هذا القلب المعجز فصنع السحر و أسر القلوب و طوَّع النفوس حتى مع الفوارق الظاهرة و عدم التناسب و مع الأضغان و الأحقاد و الثارات ..
إنما نتكلم نحن العاديين عن التناسب ..
أما فى مستوى الأنبياء فذلك مستوى الخوارق و المعجزات ..
و ما زالت القلوب الخيّرة و النفوس الكاملة التى لها حظ من هذا المستوى قادرة على بلوغ الحب و تحقيق الإنسجام فى بيوتها برغم الفروق الظاهرة فى السن و الثقافة ..
ذلك أن الحب الذى هو تناسب و انسجام بالنسبة لنا نحن العاديين .. هو فى المستوى الأعلى من البشر نفحة و هِبة إلهية ..
و من ذا الذى يستطيع أن يقيد على الله نفحاته أو يشترط عليه فى هباته ..

و إذا شاء الله أن يرحم أحداً فمن ذا الذى يستطيع أن يمنع رحمته ..

و الحب سر من أعمق أسرار رحمتــه ..

و لا ينتهى فى الحـــب كــلام ..


..
من كتــاب / أنــاشيــد الإثــم و البــراءة
من صـــــ 5 ـــــ ( أول الكتاب ) : صـــــ 9 ـــــ

                      * * *

قل لي فيم تفكر أقل لك من أنت ..

هل أنت مشغول بجمع المال و امتلاك العقارات و تكديس الأسهم و السندات؟ .. أم مشغول بالتسلق على المناصب و جمع السلطات و التحرك في موكب من الخدم و الحشم و السكرتيرات ؟ .. أم أن كل همك الحريم و موائد المتع و لذات الحواس و كل غايتك أن تكون لك القوة و السطوة و الغنى و المسرات ..

إذا كان هذا همك فأنت مملوك و عبد ..

مملوك لأطماعك و شهواتك، و عبد لرغباتك التي لا شبع لها و لا نهاية .

فالمعنى الوحيد للسيادة هو أن تكون سيدا على نفسك أولا قبل أن تحاول أن تسود غيرك . أن تكون ملكا على مملكة نفسك . أن تتحرر من أغلال طمعك و تقبض على زمام شهوتك .

و القابض على زمام شهوته، المتحرر من طمعه و نزواته و أهوائه لا يكون خياله مستعمرة يحتلها الحريم و الكأس و الطاس، و الفدادين و الأطيان و العمارات، و المناصب و السكرتيرات .

الإنسان الحقيقي لا يفكر في الدنيا التي يرتمي عليها طغمة الناس .

و هو لا يمكن أن يصبح سيدا بأن يكون مملوكا، و لا يبلغ سيادة عن طريق عبودية . و لا ينحني كما ينحني الدهماء و يسيل لعابه أمام لقمة أو ساق عريان أو منصب شاغر. فهذه سكة النازل لا سكة الطالع .

و هؤلاء سكان البدروم حتى و لو كانت أسماؤهم بشوات و بكوات، و حتى و لو كانت ألقابهم، أصحاب العزة و السعادة .

فالعزة الحقيقية هي عزة النفس عن التدني و الطلب .

و ممكن أن تكون رجلا بسيطا، لا بك، و لا باشا، و لا صاحب شأن، و لكن مع ذلك سيدا حقيقيا، فيك عزة الملوك و جلال السلاطين، لأنك استطعت أن تسود مملكة نفسك .

و ساعتها سوف يعطيك الله السلطان على الناس . و يمنحك صولجان المحبة على كل القلوب .


Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: الشيطان يحكم

                 * * *

إن الله أقرب إلى الذين يجتهدون في فهمه من الذين يؤمنون به إيماناً أعمى ..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / الله و الإنسان ..


            * * *

العذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل .. يتجرع منه كل واحد كأساً وافيةً ثم في النهاية تتساوي الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات ..

Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: أناشيد الإثم والبراءة

                * * *

كما تقوم العمارة فى البدء على شكل تصميم و مشروع و صورة ذهنية فى عقل المهندس ..
كذلك كل ما يجرى فى الدنيا سبق به العلم فى الأزل .. و عمارة الكون بُنيّت على مقتضى الإرادة و الحكمة الإلهية ..
هو الذى أحكم كل شئ خلقه ثُمَ هَدى .

Dr. Mostafa Mahmoud
.. من كتــاب / اللّـــــــــــه
         
 * * *

وما يحدث هذه الأيام أن الكل يرفع الأيدي بالدعاء لرفع الظلم ولكن الكل ظالم مستبد كل في دائرته فلا يستجاب دعاء .. وتغرق الدنيا في المظالم أكثر وأكثر.

ولو ركبنا إلى الله مركب الصدق .. وعدل كل منا في دائرته وأخلص في عمله واتقى في قوله لتولانا الله برحمته ولأكلنا من فوقنا ومن تحت أرجلنا ولما احتجنا لأحد ولا لشيء .. ولكننا نتكلم في الدين ولا نعرفه وندعو إلى الأخلاق ولا نتخلق بها ..
وهذه دنيانا .. أصبحت مرآه لأفعالنا .. ولا غرابة !!
يقول العارفون .. كما تكونوا يول عليكم .
ومن خفايا القلوب تأتي طوالع الغيوب .
وإنما يبدأ كفاح الظلم .. في نفوسنا أولا .
وهكذا كل شيء يبدأ منا ويرتد علينا .
وبين الظلم الظاهر والعدل الخفي خيط رفيع لا يراه إلا أهل القلوب ..

Dr. Mostafa Mahmoud
من كتاب / كلمة السر ..
                  
                             * * *

إنما يظهر الإنسان على حقيقته إذا حرم مما يحب .. و حُمل ما يكره .. فهنا تتفاضل النفوس .. فهناك نفس تحمد وتشكر ولا تعترض وتفوض الأمر إلى الله .. وهناك نفس تعاتب ربها وتحتج .. وهناك نفس تتعجل فتسرق وتقتل وتعتدي لتصلح حالها وتنهي حرمانها

Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: الروح و الجسد

                                   * * *
المؤمن دائما مطمئن القلب ساكن النفس يرى بنور بصيرته أن الدنيا دار امتحان و بلاء و أنها ممر لا مقر، و أنها ضيافة مؤقتة شرها زائل و خيرها زائل .. و أن الصابر فيها هو الكاسب و الشاكر هو الغالب ..

د. مصطفى محمود
.. من كتــاب / عالــم الاســرار

                          * * *

هل يمكن أن نكون مصداق الآية: " فأينما تولوا فثم وجه الله " ..

و في هذا الاطار نحب و في هذا الاطار نكره ... فنبذل المروءة و المعروف و المودة للجميع .. و لا يكون لنا تعلق و لا يكون لنا حب الا الله و بالله و في الله ..

ذلك هو الجهاد الصعب ..

و لا اختيار .. و لا طريق آخر ..
و كل واحد و عزمه .. و كل واحد و همته .. و عبرة كل حياة بختامها ..

فلنسارع الى المجاهدة و لنشمر السواعد حتى لا يكون محصول حياتنا صفرا .. و حتى لا يمضي بنا كل يوم الى نقصان و حتى لا يصبح كل يوم من أيامنا مطروحا من الذي قبله ...

انما خلق الله الغواية لامتحان القلوب , و ليعرف الكبار أنفسهم , و ليعرف الصغار أنفسهم من البداية

...

د. مصطفى محمود
كتاب: أناشيد الإثم والبراءة